جادت علينا الحضارة و التقدم العلمي و التكنولوجي بوسائل علمية و تكنولوجية و طبية حققت ثورة هائلة في مختلف الميادين و بالأخص في القطاع الصحي و قد وصل هذا التطور الى حد يسمح بتحديد مصير الفتيات في المجتمعات الشرقية ،ففي الزمن الغابر كانت الفتاة عندما تفقد عذريتها تبقى مأسورة لهذا العار الذي سيلازمها طيلة حياتها ان عاشتها ،أما الآن فإن تطور الوسائل الطبية سمح للفتاة بإستعادة عذريتها عبر وسائل عديدة بدءا من العمل الجراحي وصولا الى الاختراع الصيني الذي اضحى حديث الناس ألا وهو غشاء البكارة الصيني.
ففي ظل مجتمع يجعل من البكارة شرطا لتحقيق الزواج و دليلا على عفة الفتاة, قد تلجأ الفتاة إلى وسائل متعددة لتخفي فضيحة غشائها الممزق أيا كان السبب وراء فقدانها إياه ، سواء بعلاقة غير شرعية أو بتعرضها لاغتصاب أو نتيجة رضّه مباشرة ، فهي تسعى سرا " للترميم " خوفا من مجتمع لا يغفر أيا كان السبب، بل يرفض كل ما يخالف شريعته و أعرافه الاجتماعية و يجعل من غشاء البكارة جزءا لا يتجزأ من سمات المرأة الشرقية .
حيث تختلف الآراء حول لجوء الفتاة إلى عمليات " ترميم " غشاء البكارة ولكنها في النهاية تصب في خانة واحدة وهي العذرية كوسيلة وحيدة لإتمام الزواج ، فقد يحدث أن يرتبط الرجل في المجتمع الشرقي بفتاة فقدت غشاء بكارتها بحادث مباشر أو باعتداء ولكن ستبقى عقدة العذرية مسيطرة على أفكاره"هذا ما أجمع عليه عدد كبير من الناس الذين التقيناهم".
ليلى فتاة فقدت بكارتها و تخلى عنها زوجها في ليلة الزفاف ظنا منه بسوء أخلاقها، راميا عليها الطلاق في الليلة الأولى ، فأمها التي أخذتها بعد ليلة الزفاف الفاشلة إلى عيادة الدكتور تبين فشل عملية استعادة غشاء بكارتها والتي لجأت إليها بعد أن اغتصبها أخوها و هي بعمر التاسعة عشر سنة ,فكانت ليلى إحدى ضحايا عمليات الترقيع الفاشلة و التي بسبب تكتم أهلها و عدم تثبيت تعرضها للاغتصاب في الصغر بتقرير طبي شرعي أصبحت مطلقة من الليلة الأولى لزفافها
يجب إثبات تمزّق غشاء البكارة بفحص طبي شرعي
أما غشاء البكارة من الناحية العلمية فهو :" غشاء يغطي فتحة المهبل و له أنواع متعددة منها المثقّب ذو فتحة أو فتحتين أو أكثر أو بدون فتحة يسمى بالأرتق و هذا يحتاج إلى ثقب من قبل أخصائي نسائية من اجل التخلص من دم الحيض و ذلك بتقرير طبي من الدكتور موقّع و بحضور شهود وأيضا أنواع أخرى و لكن أكثرها شيوعا هو غشاء البكارة الحلقي بحيث يكون له فتحة و هذه الفتحة إما ضيقة و إما واسعة و في كلا الحالتين تتمزق بالإيلاج التام إلا إذا كان الغشاء مرنا أو ما يسمى بالعامية المطاطي ،و يحدث التمزق عند دخول جسم صلب قاسي أو الوقوع على شيء بارز كعصا أو نتيجة رضّه مباشرة عليه " هذا ما أكده الطب ، أما الأسباب الأخرى كركوب دراجة أو أثناء الفحص النسائي الظاهري العياني، و هو الذي يجرى في الطبابة الشرعية، أو القيام ببعض الرياضات فهي لا تؤدي إلى تمزق غشاء البكارة كما يُعتقد ، فغشاء البكارة ليس سطحي و إنما عميق و يكون محميا، فالتمزق لا يحدث إلا بالجماع و إذا كان الرضّ سببا لهذا التمزق فيجب أن يكون رضا مباشرا ".
إن تمزق غشاء البكارة نتيجة اغتصاب تعرضت له الفتاة أو نتيجة رض مباشر عليه يجب أن يثبت بتقرير طبي شرعي يجرى من قبل طبيب شرعي و وجود ممرضة حتى يضمن للفتاة حقها خاصة أمام شريك المستقبل بأن التمزق حدث ليس بنتيجة علاقة غير شرعية ، وهذا التقرير الطبي الشرعي و الذي يجريه طبيب شرعي بوجود ممرضة يجب أن يجرى في وقت قريب جدا من وقت حدوث التمزق ليتمكن الطبيب من تحديد و تثبيت توقيت الرضّ ،و قد يجرى أيضا من قبل لجنة طبية ثلاثية في حال طلب الأهل ،و أيضا عملية ترميم الغشاء يجب أن توثقّ بتقرير طبي شرعي و بتوقيع من الطبيب الذي يقوم بالعملية
عمليات استعادة غشاء البكارة لها طرق عديدة معظمها يعتمد على التصنيع من جدران المهبل ويتم خياطة الجدار لتضييق الفتحة و إحداث النزيف أثناء الجماع ،وإذا لم يحدث النزف و هذا كثير الشيوع تكون عملية الاستعادة فاشلة بسبب عدم الخياطة الجيدة لكامل طبقات الجدار المهبلي
إن الطبيب الشرعي في معظم الأحيان يستطيع تمييز الغشاء الطبيعي ، و يتحدد الاغتصاب بالتمزق الحديث لغشاء البكارة و بعلامات العنف على الجسد
العملية محاطة بسرية مطلقة .. ادفعي و لا نحتاج للاسم و لا للهوية ؟!
في عيادات الجراحة النسائية و التي تتم فيها عمليات ترقيع غشاء البكارة بشكل سري ،يرى أحد الأطباء الذي يقوم بهذا النوع من العمليات الجراحية أن عمليات استعادة غشاء البكارة كثرت هذه الأيام و أن عدد كبير من الاطباء يقومون بها و هي مضمونة و يرى أنه لا يمكن لأي أحد ملاحظة الاختلاف بين الغشاء الطبيعي و المرمم و كل ذلك برأيه يعتمد على مهارة الطبيب و قدرته على إنجاح العمل الجراحي حتى يظهر الغشاء طبيعي كما كان عليه في السابق .
و هذه العمليات مكلفة و تعتمد على ابتزاز الطبيب القائم بالعمل الجراحي للفتاة و حاجتها لإجراء هذه العملية خوفا من فضيحتها و ذلك حسب نوعها ، فهي إما أن تكون عملية استعادة دائمة و هي الأغلى أجرا بحيث يبقى الغشاء المرمم لمدة زمنية أطول و أثبت من النوع الثاني و هو " الترميم " الغير دائم حيث تكون العملية أرخص و تجرى قبل يومين أو ثلاثة أيام من موعد الزفاف .
و هذه العمليات تحمل سرية تامة بحيث يكون لكل فتاة لدى العيادة التي يتم فيها العمل الجراحي لترميم غشاءها "فايل" أو ملف مخبئ لا يطّلع عليه إلا الطبيب، كما أن الفتاة تستطيع أن تستخدم اسم مستعار غير اسمها، أي لا حاجة لهوية ولا إلى أوراق تثبت شخصيتها .
وتتم هذه العمليات غالبا بالتركين أي بالتخدير العام لمدة غير محددة أما التخدير الموضعي فغالبا يستخدم عند إجراء عملية استعادة غشاء البكارة من قبل قابلة نسائية.
غشاء البكارة الصيني .. وسيلة أخرى سهلة الفك والتركيب وبسعر زهيد ؟!
و مؤخرا انتشر في الأسواق السورية منتج صناعي لم يلق رواجا في بلده منشأه الصين و هو غشاء بكارة صيني، يستخدم بشكل شخصي كبديل عن غشاء البكارة الطبيعي دون الحاجة إلى عيادة جراحية ، يقوم على مبدأ الواقي الذكري ،له حلقة مطاطية على شكل دائري و مثقوب من المركز و يحتوي على طبقتين إحداها تحتوي على سائل أحمر، حيث يتمزق بالجماع كتمزق الغشاء الطبيعي ، ويمكن في بعض الحالات أن يتم الاستعانة بطبيب لخياطة الغشاء الصيني على جدران المهبل أو قد يوضع بشكل شخصي.
وقد أثار هذا الغشاء الصناعي جدلا واسعا بين الأوساط الدينية والاجتماعية ،حيث انه برأي البعض يشجّع الفتيات على القيام بالرذيلة دون الاكتراث بالنتائج، لعلمهن أن الغشاء يمكن إرجاعه بسهولة و بسعر زهيد ،و لكن تجدر الإشارة إلى سوء تصنيع هذا الغشاء الصناعي و هذا يبرر عدم رواجه في الصين إضافة إلى عدم حاجة الفتيات لهذا المنتج لكون غشاء البكارة لا يعد إحدى أساسيات الزواج في تلك البلدان و قد طرحت حالات عديدة من فتيات بالصين قد استخدمن غشاء البكارة الصيني و أُثبت سوء تصنيع هذا المنتج.و في السعودية سجلت أول حالة طلاق بسبب استخدام الزوجة لغشاء البكارة الصيني.
الثقافة المجتمعية تجعل من غشاء بكارة الفتاة مقوم من مقومات الشرف
في مجتمعنا الرجل يرى الفتاة بكر من خلال غشاء بكارتها و هذا جزء من الثقافة المجتمعية ،و لكن هذا الغشاء يمكن أن يتمزق نتيجة اعتداء تعرضت له الفتاة أو سقوط من مكان مرتفع أو حادث يمزق غشاء بكارتها دون أن تعلم و يصبح ذلك وصمة عار تلتصق بها وفقا لنظرة المجتمع و قد تطلّق من زوجها في ليلة زفافها ، لذلك يجب أن تكون الفتاة صريحة مع أهلها و مع شريك المستقبل ،فيجب أن تخبرهم في حال لم تكن بكر لأنها ان كذبت منذ البداية خوفا من قول الحقيقة تكون قد ابتدأت حياتها بسلسلة من الكذب قد لا تنتهي" .
نحن لا ننكر ان غشاء البكارة هو مقوم من مقومات شرف الفتاة و لكن أيضا تعامل الفتاة و أخلاقياتها في المجتمع هي جزء من شرفها أيضا و ليس فقط من خلال هذا الغشاء الذي يمكن ان تخرقه الفتاة بأسباب ليست لها علاقة بالشرف".
إذا تمزق غشاء بكارة الفتاة نتيجة الجماع الغير شرعي و عن رغبتها ، يمكن معاقبتها بمنعها من الزواج ولكن يجب على الفتاة ان لا تفرّط بنفسها و بغشاء بكارتها كجزء من الثقافة المجتمعية فيجب ان تحافظ على نفسها كي لا يُنتهك من قبل شخص طامع فقط بالنيل من جسدها".
بعض الحالات قد تجوز فيها عمليات استعادة غشاء البكارة
أجمع عموم الفقهاء على إن عمليات استعادة أو " ترقيع " غشاء البكارة لا تجوز ،ولكن هناك بعض الضرورات التي قد تجوز فيها كالاغتصاب التي قد تتعرض له الفتاة أو الوقوع على شيء بارز أو الرضة المباشرة،فهذه الحالات يجوز للفتاة أن تقوم بعملية جراحية لاستعادة الغشاء .
و يرى البعض من الفقهاء أن الكتمان عن عملية استعادة الغشاء التي قد تقوم بها الفتاة للضرورة و للحالات السابقة هو أفضل من الإفصاح عنها،لأن بعض الأزواج قد لا يكونوا على قدر من الفهم و الوعي و قد يؤدي الغضب بهم الى التسرع في اتخاذ قرارات خاطئة و سريعة كالطلاق مثلا ،فالإنسان برأيهم ضعيف في كثير من المواقف و الله يغفر في حال التوبة الخالصة.
في قانون العقوبات لا وجود لنص يعالج موضوع عمليات استعادة غشاء البكارة...
و حول وجود نص قانوني يسمح للأطباء بالقيام بعمليات ترميم غشاء البكارة "لم يعالج قانون العقوبات موضوع عمليات استعادة غشاء البكارة و لا حتى قانون ممارسة مهنة الطب و ذلك على اعتبار أن هذه القوانين وضعت قبل أن يوجد هذا النوع من العمليات ،و لكن في حال علمت وزارة الصحة أن طبيب نسائية ما يقوم بعمليات ترميم غشاء البكارة قد تقوم بمعاقبته مسلكيا أي بسحب الشهادة منه و منعه من ممارسة مهنته" .
هذه العمليات موجودة و لكن لا تأطير قانوني لها وهي تدخل من باب الغش نظرا لكون مجتمعاتنا الشرقية تجعل من غشاء البكارة المقياس المعتمد لطهارة الفتاة ، فأحيانا كثيرة قد تخطئ الفتاة و لهذا الخطأ أسباب اجتماعية و أسرية لا تتحمله بمفردها فتلجأ لهذه العمليات ،و في حال قامت بعملية استعادة للغشاء لكونها قاصرا أو نتيجة لتعرضها للاغتصاب، فهنا لا مشكلة عليها و لا حتى على الطبيب الذي قام بالعملية من منطلق إنساني، و قد لا تتم محاسبته في حال شرح وجهة نظره التي تبرر ذلك".
أن حالات استعادة الغشاء ليست كلها تندرج تحت مفهوم أن الفتاة أخطأت، فالمسؤولية لا تقع عليها فقط ، فهي لم تصل إلى هنا إلا نتيجة التربية الخاطئة و عدم وجود التوعية المناسبة في المدارس و التي اقتصرت على موضوع التعليم فقط ، إضافة إلى تراجع دور المنظمات التي كان لها دور كبير في توعية الشباب" .
تعددت الآراء و النتيجة واحدة
إذا مهما تعددت الوسائل تبقى النظرة واحدة و يبقى غشاء البكارة دليلا على حسن أخلاق الفتاة و مقوم من مقومات الشرف في مجتمع يجعل من البكارة شرط لتحقيق الزواج بغض النظر عن طريقة فقدان هذه البكارة أو حتى طريقة استرجاعها.
نسأل الله السلامه