كثيرة هي الأحداث التي سمعنا عنها ، كحادثة خسارة الأسهم الماضية ، والتي على إثرها أصيب بعض المساهمين بنوبات من البكاء الحاد والضحك المبالغ فيه والثورات الكلامية والنحيب والإتيان بحركات غريبة ومضحكة ، وسمعنا أيضا عن حالات ممن فقد شخصاً عزيزاً أو تعرض لخسارة مالية فادحة أو ابتلى بأي نائبة من نوائب الدهر ، فتعرض لشلل بيده أو ساقه بعد الصدمة مباشرةً ، وحالة المرأة التي شاهدت زوجها مع شقيقتها في وضع غير شرعي ، فأصابها العمى .
وحسب تفسير علم النفس فان ما تعرضت له تلك الحالات هو ما يطلق عليه بـالهستيريا ، والذي قد يظهر على شكل نوبات هستيرية أو شلل هستيري أو عمى هستيري أو بكم هستيري أو فقدان الإحساس الهستيري ويشمل كذلك فقدان الذاكرة والمشي أثناء النوم والتجوال اللاشعوري .
ويعرف الهستيريا بأنه عصاب (مرض نفسي) تحولي تتحول فيه الانفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي ، وهي تعني تحويلاً جسمياً لأمور نفسية ، نظراُ لأنها تعتمد على حيلة دفاعية نفسية هي التحويل حيث تحول الانفعالات والصراعات إلى أعراض جسمية كحل رمزي للصراع بعد التعرض للصدمة مباشرةُ .
والجدير بالذكر أن هذا الاضطراب النفسي يحدث لدى الشخصية الهستيرية ، ولا نستطيع اعتبار هذه الشخصية مرضاً في حد ذاته ولكنها اضطراب في الشخصية يجعل الفرد مهيأ أكثر من الشخصيات الأخرى للإصابة بمرض الهستيريا ، ويستدل على اضطراب الشخصية الهستيرية بما يلي :-
1- عدم النضوج الانفعالي حيث يعبر الفرد عن انفعالاته بشكل مبالغ فيه وغير ملائم مع الموقف ، فعلى سبيل المثال نجد المصاب بهذا الاضطراب يعانق بحرارة شخصاً يعرفه معرفة سطحية وعارضة ويعاني من بكاء شديد عند التعرض لمواقف عاطفية بسيطة ، وضحك مبالغ فيه في موقف شبة عادي .
2- الانبساطية في المزاج فهم منشرحين ومرحين ولا يتحملون الضغوط وسريعاً ما يشعرون بالملل وينشدون الاستحسان و المديح من الآخرين .
3- الأنانية عم حب الظهور ، ذو الشخصية الهستيرية ينشد الرضا الفوري وينزعج إذا لم يكن محور اهتمام الآخرين ولا يتحمل الإحباط الذي يتعرض له نتيجةً للإشباع المتأخر لرغباته .
4- القابلية للإيحاء فهم ينقادون وراء أقوال وأفعال الآخرين ويثقون بالآخرين ثقة عمياء ويؤمنون بالبدع ومن السهل التأثير عليهم وإقناعهم .
5- تتمتع الشخصية الهستيرية بالجاذبية ويحاولون جذب الانتباه والتألق في الملابس والحركات بشكل مبالغ فيه وتستهويهم المظاهر والمباهاة .
6- القدرة على لانفصال في الشخصية والتمثيلية وتلفيق الأحداث والشخصيات .
7- يستطيعون تأسيس صداقات كثيرة وسريعة ولكن ما إن تبنى العلاقة حتى نجد تصرفاتهم متمركزة حول وذاتهم وغير مراعين لحقوق الآخرين ، مما يجعل هذه العلاقات تنتهي بالفشل .
أسباب الهستيريا :-
يذهب فرويد إلى أن الأعراض الهستيرية تعود أساسا إلى صدمات ذات شحنات انفعالية قوية ومكبوتة وخبرات طفولة مؤلمة ناتجة عن فقد الحب والرعاية من قبل احد الوالدين أو كليهما ، كذلك الإحباط وخيبة الأمل في تحقيق هدفاً أو مطلبا معين ،وأخطاء الرعاية الوالدية مثل التدليل والحماية الزائدة والنبذ والقسوة ، بالإضافة إلى الضغوط الاجتماعية والمشكلات الأسرية والتوتر النفسي والهموم ، ومن أسباب الهستيريا كون احد الوالدين شخصية هستيرية فيأخذ الطفل عنه سمات الشخصية الهستيرية ، بالإضافة إلى الإنهاك والشد العصبي ،لذلك ينصح لأصحاب الإعمال والطلبة بأخذ إجازة وراحة بين فينة وأخرى .
العـلاج :-
1- العلاج النفسي والذي يهدف إلى الكشف عن العوامل الدفينة اللاشعورية المسببة للأعراض ، وذلك باستخدام فنيات التحليل النفسي ، ويفيد العلاج النفسي ألتدعيمي لمساعدة المريض على استعادة ثقته بنفسه وتعليمه طرق التوافق السوي .
2- العلاج الاجتماعي وذلك بتعديل الظروف البيئية المضطربة التي يعيش فيها المريض بما فيها من أخطاء وضغوط وعقبات حتى تتحسن حالته .
3- العلاج العضوي حيث تعطى العقاقير اللازمة لتخفيف حالة القلق والاكتئاب المصاحبة للهستيريا ولرفع الروح المعنوية وأحيانا يلجا المعالج النفسي إلى استخدام الدواء النفسي الوهمي الذي يفيد مع هذه الحالات .
4- العلاج الديني فعلى المعالج النفسي أن ينمي الوازع الديني والرقيب الداخلي لدى المريض ، حيث انه من ضمن أسباب الأعراض الهستيرية الصراع بين الغرائز والمعايير الاجتماعية أو الصراع بين الأنا الأعلى و الهـو ، فحث المريض على المداومة على ذكر الله تعالى وأداء الصلاة والصوم والصدقة وزيارة بيت الله الحرام وغيرها من العبادات والأعمال الصالحة التي تكون عوناً في التخلص من أعراضه المرضية وتساعد في سرعة الشفاء بعون الله تعالى .
د. فاطمة الهويش