أغمضها عينيّ ..
و على بساط الخيال يسري ذهني حيث هناك ..
و هناك ، وراء الأُفق المُبين ..
أرتدي بياضاً ..
و أقف خجلى ..
بين دعوات أبي ، و دموع أمي ، و نشوة إخوتي ، إن لحظةً تحوّل كهذه ..
أتحوّل فيها من مُدللة قصر ، إلى سيدة قصر ..
ثم ، يسري زمن ، و فوق الزمن تسعة أشهر ، فأجدها في كَوني ، - هي - التي تُشبهني إلى حد التطابق ..
فبعد الوهن ، تنام في حضني ، فلا أُبصرها إلا كما يُبصر الشهداء ( الحور ) ..
يا حور ..
مشاعرَ تتعاظم في صدري في لحظة الحُلم تلك ، فأتنفس الصعداء مُبتسمة ، ثم أكمل رحلتي الذهنية بنشوةٍ عارمة ، و خيالٍ يحث الخطى في أراضي الفكر
أضمها على صدري و أتساءل ، أهكذا هو شعور الأمومة !
أهذا هو الشعور الجليل الذي تعاظمه الدهر على مدى الدهر ، و كرره النبي ثلاثاً..!
أقترب منها ..
فأُخضع لها كفيّ لحملها ، فيجرفني إحساس أن كفيّ هاتين لم تُخلق إلا لحملها ..
و أقترب أكثر ..
فأدس وجهي في رقبتها ، فيجرفني شعوراً أن الله لم يرزقني حاسة الشم إلا لأشتمها ..
و أتأملها ..
إنني أرى بين عينيها تفاصيل شتاء ، و أمطارٍ غزيرة ، و غيومٍ مكدّسة ، و ثلوج كالقطن الأبيض ، لا بارد و لا زمهريرا..
و في وجنتيها ، ربيع زاهر ، و ورود يانعة ..
و ابتسامتها صيفٌ مُشمس ، و دمعها خريف سريع برذاذ مطرٍ عذب ..
يا حور ، أرى في وجهكِ الحياة بأكملها ، و العمر برمته ، بتعاقب ليله و نهاره ، فصوله و دهوره ..
يا حور خُذي منّا ما تشائين ..
فمن والدكِ النسب أرفعه ..
و منّي الشيء أحسنه ..
و من جدكِ ، كرمه و حنكته ..
و من جدتكِ شموخها و هيبتها ..
و من أخوالكِ فروسيتهم و دهائهم ..
و كوني كالشمس ، لا تغيبين إلا في نومٍ هانئٍ ..
ثم تستيقظين ، فتُشرقين الكون بجميع مداراته و مجراته ..
أستيقظ من حُلمي ، و أنا أضم طيف ( حور ) ، بدمعٍ أنزله الخيال و الحنين ..
ألتفت يُمنة و يُسرة أبحث عن بقايا حُلمي ، و آثار وجودها و أهتف مُرتبكة ..
حور ..
ألتفت يُمنة و يُسرة أبحث عن بقايا حُلمي ، و آثار وجودها و أهتف مُرتبكة ..
حور ..
جـــادل قطر