ديمقراطية .. العريان ولابس طاقية !
محمد عبد الله برقاوي
كلمة الديمقراطية في كثير من الأحيان نجدها هلامية العجينة ، يشكلها قادة بعض الأنظمة وفقا لأهوائهم ، فمنذ أكثر من نصف قرن هي مقترنة مثلا باسم جمهورية كوريا الشمالية ، التي يحكمها نظام يصعب توصيفه من حيث التكوين الهرمي لعدم دستورية حكم تلك الدولة الا أن نطلق ، عليه مملكة دكتاتورية ال كمل سونغ !
التي يبدو انها شارفت على أن تكمل نتيجة عدم خبرة الوريث الجديد !
وقد أطلقت الصفة على نظام الرفاق الراحل في عدن ، ونميري عليه الرحمة الصقه باسم السودان رغم انقلابه على ديمقراطية أم تكو في مايو 1969!
والقذافي خلال حكمه الأربعيني الأعوام وهوادة ،الذي أراد له الدوام وما الدائم الا وجه الله ، أقحم العبارة ضمن مصفوفة نعوت لجماهيريته الآفلة ، من فرط طول مسماها كان ثلاثة أرباع عدد تلاميذ المدارس الليبية يحتاجون لدروس تقوية حتي ينجحوا في ترديده اجباريا عند طابور الصباح!
أما جماعتنا في دولة هي لله الانقاذية ، فقد استحوا قليلا ولم يقربوا للمسمي مطلقا في الاشارة الى خلافتهم ، التي لم يطلقوا عليها ايضا اسلامية بصريح العبارة ، لانهم يعرفون أكثر من غيرهم ، قبل وبعد شقاقهم حول بيت المال والغنائم ، وهم من دفنوه معا ، انها ليست اسلامية ، لذا فالكذب خيبة !
لكّن حينما خافوا من أن يسقطوا من على ظهر الشعب المسكين ، ويرميهم بحكم شعوره بطول دلدلة أرجلهم من فوقه وثقل الكروش ولحم الكتوف وتأكل المؤخرات التي تسلل منها الدود الى جسده !
فقد جنحوا الى ممارسة ديمقراطية هي ، كسترة من لبس طاقية ، وأهمل بقية جسده ، فتخيل أن الناس ،لا يرون الا رأسه !
صحيح أنهم أقاموا انتخابات ، ولكن ، كيف ؟ فالاجابة معروفة ، نعم هنالك رئيس تقدم السباق ، ولكن في ظل انسحاب المنافسين في كلتا الحالتين الرئاسية والبرلمانية ! نعم هنالك حزب حاكم ، دخل المنافسة ، ولكنه ركب جواد الدولة بكل معطيات الراحة في الانجعاص عليه ، مقابل أحزاب ليست لديها حتي السلاحف التي تزحف بها، فأثرت ، الوقوف عند خط البداية ، بعضها قضم علف المكأفاة على ذلك ، والبعض عاد بايتا القوى !
نعم هناك نواب يجلسون تحت قبة البرلمان ، ولكنهم رواد حفل التصفيق لرقص الرئيس ، والتبشير على رأس العريس ، ناسيين اولئك المتاعيس الذين يقبضون المخصصات باسم تمثيلهم لهم ، ويرسلون لهم ، التكبير والتهليل تحفيزا للحكومة، عبر وسائل الاعلام كلما وضع وزير المالية العبقري صخرة على كواهل المعدمين ، دعما لميزانية الدولة التي تنفقها على الأمن والجيش والمراسم واللقف المقنن شرعا!
صحيح هنالك ، قضاء ، ولكّنه مؤمم بل مصادر بفرعيه المدني و الشرعي ، مثل مؤسسات مركنتايل ، بعد قرارات مايو الثورية ، فقط الفرق أن تلك كانت تحت سلطة العسكرى / الراحل زين العابدين محمد أحمد عبد القار ، وقضاؤنا الحالى يدار بواسطة ماذون اسمه مولانا جلال الدين محمد عثمان ، قفز الى منصبه بحكم الولاء لا الكفاءة ، متخطيا أساطين القانون الذين أحالتهم الانقاذ الى عازفين لقانون الفاقة والتبطل في غير الصالح العام !
نقر أكيد أن هنالك عشرات الصحف منها ، الرسمي الذي يقول أن جوز طماطم الانقاذ ثلاث صفائح ! ومنها من يقول نعم هي ثلاث ولكن محتوياتها تصلح للصلصة فقط وليست للسلطة الحمراء ! ومنها من يقول انها فارغة ، وهذا يتعرض بين الحين والآخر بحكم تسلط اجهزة رقابة الدولة الى أن يدخلوا رأسه في الصفيحة ليشم أثر محتواها الذي تبخر جنوبا !
وحتي حين تطنش الحكومة عن ما يكتبه البعض من نقد لاذع لها ، فانها لاتسكت لانها ديمقراطية وتحترم الرأى الآخر ، وانما من قبيل
( الجمل ماش والكلب ينبح ) فهي تفعل في النهاية الذي تريده ، فلم تحاكم يوما مفسدا فضحته الصحف ، لا سيما ان كان مجرد فراّش لمسئؤل اسلامي ،دعك عن كونه منشارا كبيرا أكلا في عظام الحجاج ، طالع للاراضي المقدسة ونازل على دولة الخلافة الفريدة!
اذا الأبيض أبيض والأسود لا يمكن أن يصبح بمبي ، هي ديمقراطية انقاذية ، الصنع ، نحتفظ لها بحق قلة الأدب في تعاطيها مع شعبها ، التي تتجرأ عليه بكل الفاظ التحدى المقذعة ، استخداما معكوسا للديمقراطية التي تكفل للشعوب أن تقول رأيها بأدب في حكوماتها ، حينما تخفق ، وتطلب منها الترجل بلطف ، وتلك تستجيب بحياء اكثر ، !
ليس في منطقه ، الزرعنا يجي يقلعنا ولا فيه تحدى لحس الكوع ، ولا اعتقال ناقد لأى نافذ جربوع !
وهي لعمري ديمقراطية تمطيط عمر الحكم الفاشل عموديا وأفقيا ، مثل مشاط شعر أم المك الذي يتكون من سبيبتين فقط ، وكان ابنها يقيم الاحتفالات لتلك المناسبة والتي تستمر عدة ليال وحتى يقال أن شعر أمه غذير ويستغرق تضفيره زمنا ، فيجلب له
( الجورسيه والكتّان ) لتلتيقه ، ليبدو طويلا !
ورحم الله شاعرنا الظريف عثمان خالد ، حينما وصف الذين يدّعون الثقافة زورا وبهتانا ..بقوله.. الثقافة مش ايدين ساكت طويلة ، وساذجة زي عنق الزرافة !
وهو ما ينطبق على ديمقراطية انقاذنا ، طويلة وفارعة ، وتبدو من الخارج جميلة ، ولكّنها جد هبيلة !
عافانا الله من هبل تصديق مسرحيتها التي طالت في عرضها واخراجها السيء ، حتي صاحت فيها خشبة المسرح نفسها
( كفاية )..ضحك على الجمهور!
والله المستعان ...
وهو من وراء القصد..
محمد عبد الله برقاوي
الراكوبه